البوابة
المكتئب النعّاب
العلاج :
بمجرد الوصول لتشخيص هذه الحالة فإن الأمر يستلزم عدة إجراءات ضرورية نذكر منها:
1- العقد العلاجى : فبما أن المريض اعتاد تغيير طبيبه وعلاجه على فترات قصيرة وبما أن هذا كان يجهض كل المحاولات العلاجية السابقة ، لذلك يلزم تنبيه المريض وأسرته لذلك وعمل عقد علاجى يلزم المريض بالاستمرار فى خطوات البرنامج العلاجى الدوائى والنفسى والسلوكى والعائلى بشكل متدرج ومنتظم حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة .
2- العلاج الدوائى : يستخدم فى حدود بسيطة حيث أن الإكتئاب هنا ليس أصيلاً ولا عميقاً (على الرغم من الإزمان والإزعاج) ولا يعول عليه كثيراً فدوره محدود بالضرورة فى هذه الحالة ، ويستحسن تثبيت أحد أنواع مضادات الاكتئاب لفترة طويلة على أن يراعى فى إختيارها تأثيرها المزدوج فى الإكتئاب والقلق معاً ، أو يتم إضافة مضادات القلق على مضادات الإكتئاب . وكثير من مركبات الماسا (SSRI) لها خصائص مضادة للإكتئاب والقلق معاً وأعراضها الجانبية محتملة بحيث لا تترك للمريض فرصة التهرب من استمرار العلاج بدعوى الأعراض الجانبية , ولا يجب تغيير العلاج كل فترة قصيرة بناءاً على طلب المريض وإنما نشرح له أن هذه الأدوية تحتاج لوقت كافٍ حتى يظهر مفعولها كما أنها ليست وحدها القادرة على شفاء المرض .
3- العلاج النفسى : من خلال تقييم التركيبة النفسية الدينامية والتركيبة الأسرية والاجتماعية يتم تحديد الأسباب والدوافع التى أدت إلى استمرار حالة الإكتئاب والتعامل معها من خلال العلاج النفسى الاستبصارى أو العلاج المعرفى السلوكى .
وهناك نقطة هامة فى العلاج النفسى لهذه الحالات ، فعلى الرغم من ضرورة المساندة والتدعيم (الطبطبه) لمرضى الإكتئاب عموماً إلا أن الإكتئاب النعاب بوجه خاص يختلف عن ذلك لأننا كلما ساندناه ودعمناه استجابة لشكواه فإننا نعزز عادات الشكوى لديه ، والموقف الصحيح هو أن نكف عن ذلك فيكتشف المريض أن الشكوى (الزن) لا يؤثران فى الطبيب ولا فى أفراد الأسرة وعندئذ ربما يلجأ إلى الابتزاز والتهديد بالإنتحار أو يرفع وتيرة الشكوى ، وهنا يجب أيضاً عدم الاستجابة الانفعالية لكل هذا . وعلى العكس نعطى اهتماماً ووداً للمريض حين يكف عن الشكوى وحين تظهر منه أى بوادر إيجابية .
والنقطة الهامة الأخرى هى محاولة تفجير غضب المريض وإطلاقه إلى الخارج ولا مانع فى هذه الأحوال من ممارسة بعض الضغوط المحسوبة على المريض والتى يستقبلها أحياناً على أنها عدوان من المعالج أو من الأسرة ، وهنا تستيقظ دوافع حب الذات لدى المريض فيهب مدافعاً عن نفسه ويغير توجيه عدوانه إلى الخارج ( بعد أن كان موجهاً كلياً أو جزئياً إلى الداخل ) دفاعاً عن نفسه وعن وجوده . وهذا التغير يصحبه تغير فى الرؤية فالآخرين ليسوا وسائل ترفيه واعتماد له ، وصبرهم له حدود ، وهم مستائين من سلبيته واعتماده . وأولى مراحل التغيير فى هذه الحالة أن يظهر غضب المريض (أو المريضه) وعدوانه نحو المعالج ونحو أفراد أسرته ، وربما رفض العلاج الدوائى أو النفسى ، ولكن الصبر والمثابرة على الطريق مع دعمه فى حالة توقفه عن الشكوى ، كل ذلك يساعد على تغيير السلوك الشكاء .