البوابة
المكتئب النعّاب
التفسيرات الدينامية :
هناك العديد من التفسيرات لاضطراب الإكتئاب النعاب نذكر منها على سبيل المثال :
1- مصاحبة القلق للإكتئاب : فوجود أعراض القلق مع الإكتئاب بدرجات متفاوتة ( وهذا ثابت إحصائياً ويصل إلى 60% من الحالات ) يؤدى إلى وجود الكثير من أعراض هذا النوع من الإكتئاب , حيث أن شعور المريض بالتوتر وعدم الأمان يجعله فى حاجة دائمة إلى الإلتصاق بمن حوله أو إستدعائهم لطمأنينته وكلما زادت شكواه زادت وتنوعت محاولاتهم لطمأنينته , وهذا ما يريده أو يحتاجه فى النهاية .
2- الشعور بالوحدة : وربما يكون هذا الشعور قديماً وكامناً , ولكنه مع الإصابة بالإكتئاب يكون قد إكتشف وسيلة للتخلص من هذا الشعور وإجتذاب الآخرين بالشكوى المرضية , وربما يكون فى ذلك نوع من العقاب للآخرين الذين تركوا المريض ( أو المريضة ) وحيداً طوال هذه السنين .
3- الشخصية الإعتمادية ( الطفيلية اللزجة ) : وربما تكون هذه السمات موجودة من قبل فى المريض ( أو المريضة ) ولكن الظروف السابقة لم تسمح بظهورها وتبلورها إلى هذه الدرجة الموجودة بعد الإصابة بالإكتئاب , فالأخير قد أعطى شرعية لظهور هذه السمات السلبية وخاصة إذا أبدى أحد المحيطين بالمريض (أوكلهم) إستعداداً لتقبل إعتمادية المريض وتطفله وإلتصاقه , هنا يحدث إتفاق غير مكتوب (وغير شريف) بين الطرفين فيتنازل المريض (المكتئب النعاب) عن الكثير من حقوقه (وربما كرامته) فى مقابل أن يعفى من مسئولياته وأن يتحمل الآخرون إعتمادية وسلبيته .
4- العدوان : فالمريض يقوم بالعدوان على من حوله (الأسرة والأطباء) بإظهارعجزهم وقلة حيلتهم عن مساعدته وإخراجه من أزمته فهو يخرج لسانه للجميع ويقول لهم بلسان الحال «ورينى هاتعمل إيه يا فالح» . وهذا العدوان قد يصل إلى درجة ما يسمى فى علم النفس ب«الإخصاء» وهو تعبير يعنى نزع رجولة من حوله بإخصائهم سواء كان من حوله رجلاً فعلاً أو إمرأة مسترجلة متسلطة نزعت رجولته من قبل بتسلطها وإستبدادها . والمريض إذ يشعر من حوله بالعجز عن مساعدته يشعرهم أيضاً بأهمية دوره الذى كان يقوم به وهو الآن متوقف عنه بسبب المرض , وكأنه يقول لهم بلسان الحال «شوفوا من غيرى بقى هاتعملوا إيه ؟» .
5- التوقف عن النمو : أى أن المريض كانت لديه رغبة ( شعوريه أو لا شعورية ) بالراحة والتوقف عن النمو , فهو (فى رأيه) قد تعب كثيراً وأعطى كثيراً وقد آن الأوان له ليستريح وعلى الآخرين أن يتحملوا مسئولياتهم نحوه كما تحمل هو مسئولياته نحوهم سنوات طويلة . وعلى الرغم من أن المريض يعلن كثيراً رغبته فى الشفاء والعودة لعمله وحياته إلا أن هذه الرغبة تبدو لفظية باهته خالية من أى روح أصيلة , بالإضافة إلى أن سلوكه ينبئ بخوفه من الشفاء وتفاديه له ورغبته الدائمة فى إستمرار المرض ( أو بالأدق مظاهر المرض) كحماية له من مطالب النمو والمسئولية .