طباعة

شايف العصفوره ؟!

Posted in المجتمع

غربان عبرية  :

وقد عرفت إسرائيل هذه الصفة عنا فتجدها تطلق فى كل مرحلة عصفورا ( أو بالأصح غرابا ) ننشغل بالكلام عنه والهرولة للتباحث بشأنه( آخر هذه الغربان الميتة خارطة الطريق ) , ثم تطلق  غربان أخرى , وتتوالد الغربان فى الجو ونحن ننظر إليها جميعا ونحاول تتبعها جميعا حتى ننسى الموضوع الأصلى ويصبح تتبع الغربان  ومعرفة ألوانها وأحجامها وجنسها هو الهدف , وأثناء هذا الإلهاء والإستهواء تكون إسرائيل قد حققت كل مشروعاتها التى خططت لها منذ البداية فتغلق الملف ونفاجأ نحن باختفاء الغربان وانسحاب المفاوض الإسرائيلى الذى أطلقها انتظارا لدورة غرابية  أخرى .

زقزقة مصرية :

وحين نتابع الصور فى المشهد المصرى بوجه خاص نرى بيع شركات القطاع العام بأبخس الأسعار , ونرى السكوت عن احتلال العراق وابتلاع فلسطين , ونرى تدمير لبنان أمام أعيننا , ونرى تزوير انتخابات مجلس الشعب وتزوير انتخابات اتحاد الطلاب ونشأة اتحادات موازية تدفع للصراع الدامى بين أبنائنا الطلاب أيا كانت انتماءاتهم داخل الجامعات , ونرى غرق العبارات , وحوادث السكة الحديد , وتعديل المادة 76 من الدستور ثم الشروع فى تعديل التعديل بتعديل يحتاج فيما بعد إلى تعديل , ونرى البطالة والفساد والمظالم الإجتماعية والتوحش الأمنى لسد الفراغ السياسى , كل هذا يجرى ونحن نتلهى أو نستهوى أو نستلب أو نغوى بالعصفورة , ففوق كل حدث من هذه الأحداث كانت تطير عصافير فوق رؤسنا ننشغل بها حتى تتم الصفقة أو العملية أو تمر الكارثة , والجميع يراهن على ضعف ذاكرتنا وقابليتنا العالية لتشتت الإنتباه والإستهواء وأحيانا الإستلاب .

الترفيه غير البرئ وترسيخ الوضع الراهن :

وعمليات الإلهاء والإستهواء والإستلاب والإغواء والإحتواء لا تحتاج فى كل المرات إلى فرقعات ساخنة ( كقضية النقاب أو الحجاب أو الإساءة للرسول بالرسوم الكاريكاتورية أو الإستعراض الرياضى أو العسكرى أو شبه العسكرى لطلاب الأزهر , أو التحرش الجنسى فى وسط البلد ) بل أحيانا يتم ذلك بواسطة الإتاحة الهائلة لعدد كبير من البرامج الترفيهية والتى تبدو محايدة وبريئة مثل مباريات كرة القدم أو الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والكليبات والأغانى , وكل هذه الأشياء تخدر الوعى وترسخ للوضع الراهن وتقتل الرغبة فى التغيير الإيجابى وتوحى بأن الحياة جميلة ومستقرة وبأن مظاهر الرفاهية متاحة على الأقل فى التليفزيون , إضافة إلى أن ملايين البشر يقضون ملايين الساعات أمام التليفزيون وهم فى حالة استرخاء وتلق سلبى تستقبله الحواس ووسائل الإدراك ولا تتحرك بموجبه الجوارح , وهكذا شيئا فشيئا يتعلم الشخص المشاهد ذلك التعامل الأحادى حيث يرى ويسمع وليس مطلوب منه أن يفعل شيئا , ومع استمرار وطول ساعات المشاهدة يصاب بالهمود الجسدى والفكرى فينام ساعات قليلة ليصحو فى حالة إعياء لا تسمح له بممارسة تفكير نقدى أو عمل منهجى فيصبح مرة أخرى أكثر قابلية للإيحاء فالإستهواء فالإحتواء .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed