طباعة

سيكولوجية النصب والإحتيال

Posted in المجتمع

pickpoketإن أحداث آخر عملية نصب على المصريين والتي جرت تفاصيلها في مصر ودبي من خلال شركة استثمارية (أو شركة أوراق مالية) وراح ضحيتها حتى الآن 68 مصري في داخل مصر و13 مصري في دبي (هؤلاء فقط من أعلنوا عن أنفسهم وربما غيرهم كثير يخشون الإعلان لأسباب بعضها معلوم وأكثرها مجهول) , وهم جميعا ينتمون إلى طبقات اجتماعية عليا , فمنهم رجال أعمال ورياضيين وإداريين وفنانين بل ووزراء .

 

وقد نجح صاحب الشركة في جمع ملايين الدولارات منهم بحجة استثمارها , وأغراهم في البداية بفوائد عالية بلغت في بعض الأحيان 40-50% في السنة ووضع على رأس مجلس الإدارة اسم أحد الوزراء , ثم فجأة أعلن صاحب الشركة من جانب واحد أن الرصيد أصبح صفرا , فهاج وماج المودعون ورفعوا القضايا , ونشطت وسائل الإعلام تستطلع الأمر وتستضيف المودعين ومحاميهم ليصفوا صاحب الشركة بأنه نصّاب ومحتال وانتهازي , ثم تستضيف مدافعين عن صاحب الشركة (لزوم الموضوعية أو حرية الرد , أو قل لزوم تسخين المعركة الإعلامية) ليقولوا بأن المودعين حصلوا على فوائد كثيرة تفوق أرصدتهم التي أودعوها وأنهم طمّاعين أكثر من اللازم , وأن ما حدث هو نتيجة طبيعية لانهيارات البورصة العالمية , ثم يقف المحللون الإقتصاديون ليقولوا بأنه استحالة فى عالم البورصة أن يصل الرصيد صفرا , إذ أنه لا يمكن أن يصبح قيمة السهم صفرا في أي حال من الأحوال . المشكلة ليست في أن شخصا خدع آخرين أو نصب عليهم أو استغلهم , فهذا يمكن أن يحدث في أي مجتمع , ولكن المشكلة هي في تكرار تلك الحوادث في المجتمع المصري بصورة ملفتة للنظر (نصّاب مدينة نصر وهو ابن أحد الوزراء , وقبله شركات توظيف الأموال , وقبلهم وبعدهم عدد كبير من رجال الأعمال نصبوا على البنوك وأخذوا منها المليارات وهربوا ) , وبشكل يدعو المتخصصين في مجالات علم النفس والإجتماع لأن يدرسوا هذه الظاهرة , من كافة جوانبها وأطرافها , لمعرفة أسبابها وجذورها ومظاهرها وطرق مواجهتها (إن كان ثمة نية وإرادة للمواجهة) , وهذا ما سنحاوله في هذه الدراسة , على أن نعتبرها بداية لمحاولات أكثر تفصيلا ومنهجية . وسوف نقوم بتأمل عناصر المشكلة كل على حده , ثم نرى كيف تتفاعل هذه العناصر لتنشئ حدث "النصب المتكرر" على أفراد الشعب المصري . وهل القابلية للنصب لدى الشعب المصري متصلة بقابليات أخرى مثل : القابلية للإستعمار والقابلية للإستحمار والقابلية للإستبداد والقابلية للقهر ؟؟!! .. تلك القابليات التي يشاركنا فيها إخوتنا العرب من المحيط إلى الخليج وجعلتنا مستباحين لكل مستعمر ومستحمر ومستبد وقاهر .

وفي البداية نتساءل : ما الذي يجعل حوادث النصب كثيرة ومتكررة بهذا الشكل في المجتمع المصري ؟ ... ألدينا عدد أكبر من النصّابين ؟ ... أم لدينا عدد أكبر من السذج والغافلين والمغفلين ؟ ... أم لدينا بيئة محرضة على النصب (كما هي محرضة على الغش في الإمتحانات وتزوير الإنتخابات والرشوة والفساد والإستبداد والتحرش , وكلها آفات شديدة الصلة ببعضها)؟ .... ولكي نتعرف على الإجابة أو نجد تفسيرا سنحاول الدخول إلى المعنى النفسي للمال والتملك ثم نعرج إلى أركان جريمة النصب لنرى العوامل التي تساعد على إتمام الجريمة في أركانها الثلاثة : النصّاب , والمنصوب عليه , والبيئة التي احتضنت جريمة النصب .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed