طباعة

سيكولوجية النصب والإحتيال

Posted in المجتمع

 سيكولوجية المال والتملك :

إن دافع التملك هو من أقوى الدوافع النفسية لدى الإنسان , وقد لا يحتاج منا إلى إقامة دليل حيث يبدو وكأنه بديهية من بديهيات الحياة , إذ يكفي فقط النظر بالعين المجردة إلى ما يدور بين الناس من صراعات لنكتشف أنها صراعات حول التملك (حتى وان أخذت أسماء أو شعارات أخرى) . والتملك متصل باكتساب الأشياء المادية بجانب القوة والسيطرة , واكتساب الشعور بالأمن , واكتساب الحب , واكتساب تقدير أعلى للذات , وتمدد الذات في الزمان والمكان .

وقد عرف إبليس قوة دافع التملك وما يتصل به من رغبة عارمة في البقاء والخلود , ولذلك حين أراد أن يغوي سيدنا آدم عليه السلام للأكل من الشجرة المحرمة كان هذا مدخله , وهذا يجعلنا ننظر لإبليس على أنه عالم بخبايا النفس ومواطن ضعفها قبل علماء النفس بكثير كما سنرى في الآيات التالية :

"فأزلهما الشيطان عنها , فاخرجهما مما كانا فيه "

وكان هذا أول درس فى الغواية وأول تجربة فى الوسوسة نجح فيها ابليس حيث استغل بعض خصائص هذا المخلوق الجديد (الإنسان) ومنها ولعه بالممنوع , فهذا الانسان كلما منعت عنه شيئا زاد فضوله نحوه وزادت رغبته فيه وربما نسى كل ماهو مباح له وانشغل بالشىء الوحيد الممنوع , ومن هذه الخصائص ايضا رغبته فى الخلود وامتداد الملك , تلك الرغبة التى لعب عليها ابليس ..

" الاأدلكما على شجرة الخلد وملك لايبلى  " ..

ويبدو ان هذه الخصائص الثلاث فى الانسان (الولع بالممنوع , والرغبة فى الخلود , والرغبة فى التملك) ستكون ثغرات يخترق من خلالها ابليس كيان هذا المخلوق الجديد كلما أراد ان يغويه لكون هذه الخصائص عميقة الجذور فى البناءالنفسى للانسان , ولكون نجاح ابليس الاول فى الاغواء كان من خلالها. ويبدو ايضا ان هذه الخصائص من القوة فى النفس البشرية بحيث يمكن ان ينسى معها الانسان  العهد حتى وان كان قريبا ....حتى وان كان ذلك العهد مع الله , وهذا ما حدث مع آدم عليه السلام ,ويحدث بشكل متكرر مع ذريته رغم كل التحذيرات ورغم تجارب الاغواء والسقوط المتكررة .

وجاءت الأديات تترى بعد ذلك لتعالج نقاط الضعف هذه في النفس البشرية من خلال الحث على الإنفاق في الخير (الصدقة والزكاة) , وتطهير النفس من الجشع والطمع والحرص والبخل (وكلها آفات نفسية خطيرة) , والبحث عن الخلود والبقاء في الأعمال الصالحة .

 رؤية التحليل النفسي :

يرى التحليليون أن اكتناز المال سمة مرتبطة بالتثبيت عند المرحلة الشرجية , وهو مكافئ لإمساك الطفل عن إخراج برازه ومعاندة الأم في ذلك ثم شعور الطفل بقدرته على التحكم والسيطرة والإستمتاع بذلك , وهذا يفسر لنا الرغبة في جمع المال واكتنازه بشكل شره لدى بعض الناس . وهناك بعض التعبيرات التي ربما تشير إلى الإرتباط بين المال والبراز حين نقول مثلا : "أموال قذرة" .. "غسيل أموال" ...

والمال من ناحية أخرى هو رمز للقوة والسيطرة والقدرة , وهو من الناحية التحليلية يكون مكافئا للقوة الجنسية وللقضيب , فالذي يمتلك المال يشعر بقدرة كبيرة ونشوة هائلة , ويشعر أنه جدير بكل النساء وبأجمل النساء , وربما يفسر لنا هذا ولع رجال الأعمال بالعلاقة مع نجمات الفن والغناء وإغداق المال عليهن , وحين تخون إحداهن أو تبتعد عن رجل الأعمال الذي اشتراها بماله واعتبرها من مقتنياته يقوم بقتلها حيث أنها هنا طعنته في رجولته , وأثبتت له أنه ليس الأقدر ولا الأقوى (راجع قتل المطربة ذكرى والمطربة سوزان تميم) .  وانتزاع المال من الشخص يكون أشبه بانتزاع قدرته الجنسية أو خصائه , أما إذا انتزع هو المال من الآخرين - كما هو الحال في النصابين والمحتالين - فإنه يشعر بالغلبة وبأنه سلب الآخرين قوتهم وقام بخصائهم , وهذا يعطي للنصّاب والإنتهازي لذة لا يجدها في الحصول على المال بشكل طبيعي من الجهد والعمل والمثابرة  .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed