طباعة

الإسلاميون والنخبة-نحتاج إلى الأخلاق لإدارة الاختلاف

Posted in الثقافة

أما الفيلسوف الإنجليزي “أشعيا برلين” فيرى أن التصادم القيمي صفة إيجابية، ذلك أن العالم الذي يكون فيه تعدد، هو أغنى وأفضل من العالم الذي لا تعدد فيه، لأن التعدد يفتح الباب أمام إمكانيات وسلوكيات مختلفة في الحياة ويزيد من نطاق الحريات.

وهو ما أدركه حتى بعض الحكام المسلمين قديما، فكتب الدكتور “مصطفى السباعي” في كتابه “من روائع حضارتنا” أنه في العصر العباسي بعد أن ترامت أطراف الدولة الإسلامية وتعددت الملل والفرق بها، كانت للخليفة المأمون حلقة علمية يجتمع فيها علماء الديانات والمذاهب كلها، وكان يقول لهم: ابحثوا ما شئتم في العلم، من غير أن يستدل كل واحد منكم بكتابه الديني.

وهنا نشير إلى ما ذكره الفيلسوف المغربي الدكتور “طه عبد الرحمن” في كتابه ” الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري” أنه كلما كان الاختلاف الفكري أشد، كلما كانت متطلباته الخلقية أكبر؛ ذلك أن الخلق المطلوب في التواصل الفكري مع المختلف معه يكون أدق وأرفع من الخلق المطلوب في التواصل الفكري مع المتفق معه؛ فالتخلق يزيد من سبل التواصل الفكري”.

وميز الدكتور طه هنا بين حالتين من الاختلاف الفكري، وهما الاختلاف الفكري اللين : وهو اختلاف بين أطراف اختارت طريق التعارف في التعامل الفكري بينها، وفي هذه الحالة يبحث كل طرف عما هو مفيد لدى الطرف الآخر، ويتلقى كل طرف من الآخر بقدر ما يلقي له، وهو ما يخلق حالة دينامكية من التفاعل والتواصل الخلاق.

أما الاختلاف الفكري الصلب، فهو اختلاف يقع بين طرفين اختارا طريق التعاون للتواصل الفكري بينهما، نظرا لأن التعاون لا يمنع من إتيان المنكر، وربما حكم العلاقة بينهما مبدأ التوصيل وهو أن يلقي طرف بأفكاره إلى الطرف الآخر، ولا يرغب في أن يتلقى منه شيئا، وبالتالي يفقد فكر أحد الطرفين اللين المطلوب في التواصل، ويتجه صوب التصلب الفكري، فيدعي أن لما يؤمن به اليد العليا، وأن قيمه تعلو على قيم الطرف الآخر.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed