طباعة هذه الصفحة
الجمعة, 31 آب/أغسطس 2012 00:37

نوبات الغضب

كتبه  د.محمود جمال أبو العزائم
قييم هذا الموضوع
(3 أصوات)

behave-kidمن المظاهر الانفعالية الشائعة عند الأطفال نوبات الغضب ، ويؤكد الأطباء النفسيون أن هذه النوبات شيء عام وطبيعى عند جميع الأطفال بغض النظر عن الثقافة التى يعيشون فيها ولا تعتبر هذه النوبات ذات صبغة مرضية إلا حينما تكون عنيفة جدا ومتكررة بشكل زائد وتأخذ فترة طويلة نسبيا .

 ولا علاقة لنوبات الغضب عند الأطفال " بسوء السلوك "، وليس لها إلا القليل من العلاقة مع " اضطراب المزاج " بالمعنى المفهوم . إن نوبة الغضب الحقيقية هى عبارة عن انفجار عاطفي ينتج عن خيبة أمل عارمة للطفل ...وهى بهذه الصورة خارج نطاق تحكم الطفل فى نفسه . وإذا كانت هذه النوبات تغيظك ، وتسبب لك الضيق والإحراج فأنها كذلك مخيفة جداً بالنسبة للطفل .

 

الدوافع ونوبات الغضب

كل طفل يولد وفى داخله حافز ذاتي ودائم يدفعه ليتعلم ، ويمارس وينجح فى آلاف المهام الصغيرة التى تساهم فى نموه . فعندما يصل الطفل إلى سن دخول المدرسة ، فستحاول الأسرة والمدرسة دفعه إلى تعلم لغة أجنبية مثلاً ... ولكن لا يحتاج الطفل إلى من يحفزه ليتعلم المشي... إنه يفعل ذلك من تلقاء نفسه حالما يصبح مهيأ لذلك جسمانياً ونفسياً . وعندما يبدأ الطفل فى محاولات المشي، فأنه يستمر فيها دون كلل أو ملل حتى يحقق النجاح .

وفى حين أن كل طفل يولد بهذا الحافز الذى يدفعه إلى التعلم ، فإن الأطفال يختلفون من حيث سرعة الغضب الذى يتملكهم حين يفشلون فى الاستجابة لهذا الحافز ، ومدى عنف رد الفعل الناتج عن ذلك الفشل . فمن الأطفال من يستمر فى صبر ودأب فى محاولة حل مشكلة ما ، ومنهم من يستسلم للفشل بسرعة ... ومن الأطفال من يعترف فيما بعد بفشله وينتقل بلباقة وهدوء إلى القيام بعمل آخر ، ومنهم من يتأثر كثيراً بالفشل الذى يدفعه لأن يعبر عن ذلك بصرخة أو نوبة غضب .

وبالطبع فإن خيبة أمل الطفل وقوة احتماله تختلفان من يوم إلى يوم، ومن مرحلة إلى أخرى . ومما يجدر بنا أن نتذكره هو أن الطفل الذى أصيب بالإحباط، وانطلق بالصراخ نتيجة لما أصابه ، إنما يفعل ذلك لأنه يحاول ، والمحاولة هى طريقه إلى التعلم .

أسباب نوبات الغضب :

يصاب الأطفال بخيبة الأمل حين يتطلعون للقيام بأعمال لا يستطيعون أداءها وتثير هذه الأشياء شعورهم بالإحباط لأنها لا تتم كما يودون . كما أن الآباء يثبطون عزم أبنائهم لأنهم يحاولون عادة ممارسة بسط نوع من التحكم الكامل عليهم ، وهو أمر يتعارض مع إحساس الطفل بضرورة نيله الاستقلال الذاتي . وهذه مرحلة تبدأ عادة بعد سن الثانية ، وتكتنفها نزعات كثيرة فى داخل الطفل لأنه يقع فى تناقص بين النزعة إلى الاستقلال ، وحاجته إلى المساعدة من أمه.


وأى محاولة تبذلها الأم فى هذه المرحلة للتحكم بشكل مباشر فى تصرفات الطفل ، تقود إلى نوبات الغضب... فمن المحتمل أن يقاوم الطفل فى هذه المرحلة محاولة أمه إلباسه ملابس معينة أو إجباره على تناول طعام معين ، أو حمله على الذهاب إلى فراش نومه إذا لم يكن يرغب فى ذلك ... وإذا شعر الطفل بأن أمه تستخدم قوتها ، أو ذكاءها لتهزمه ، فأنه سيثور وتنتابه نوبة من الغضب .

تفادى نوبات الغضب

لا تستطيع الأم تفادي نوبات الغضب عند الأطفال ، وذلك لأن مدى خيبة أمل الطفل تكون خارج نطاق سيطرتها . أما إذا كان طفلك من النوع الهادئ ، ويملك القدرة على احتمال ما يسبب له الإحباط ...عندئذ ففى وسعك أن تبقى نوبات الغضب لديه فى أدنى مستوى لها بتدريب نفسك على التعامل مع تلك الصعوبات التى ترافق نمو طفلك من رضيع إلى مرحلة الطفولة، وبتعلمك السلوك بلباقة ومهارة فى الأوقات التى تتحسسين فيها شيئا من الخطر الذى يهدد الطفل . ويجب على الأم أن تحاول إشعار الطفل بأنه يتحكم فى أموره ، كما أن من حقه أن يختار الطعام الذى يريد أن يأكله .

وعلى الأم أن لا تحاول إعطاء أوامر مطلقة لا مجال للتراجع عنها ، لأن مثل هذه الأوامر لا تنتج إلا المشاكل ...ويجب ترك منفذ للطفل لكى يهرب منه من تنفيذ الأمر ، دون أن يجرح كرامته . ويعنى ذلك ، غالباً ، إيجاد عذر يبرر موقف الطفل ، أو يصرف نظره إلى موضوع آخر .

ويجب على الأم أن تعامل الطفل باحترام تماماً كما تعامل الشخص الراشد ... فإذا لمس شيئا ليس من المفروض أن يلمسه لا ينتهر ولا يزجر ، ولكن يلفت انتباهه برفق إلى عدم الإضرار بما يلمس أو عدم تعريض نفسه للأذى 000 وإذا فشل الطفل فى القيام بعمل ما فلا يجب أن تندفع الأم فى غضب محاولة عمله بدلاً عنه ... ومن الممكن أن تريه برفق كيف يقوم به بنفسه .

شكل وتكرار نوبات الغضب

تتخذ نوبات الغضب أشكالاً عدة ... فبعض الأطفال يندفعون بهياج ويجرون من مكان إلى آخر ، وهم يصرخون ويصطدمون بأثاث المنزل ...والبعض الآخر يلقون بأنفسهم على الأرض ، ويتقلبون ... ويستخدم آخرون أى أداة تقع فى أيديهم لضرب الأشياء الواقعة فى متناول أيديهم ، ويضربون رؤوسهم بالحوائط إذا لم يكن هناك من بديل يضربونه . ومهما يكن الشكل الذى تأخذه موجة الغضب ، فعلى الأم أن تدرك أنها ظاهرة طبيعية عادية. فقد أوضحت الدراسات العلمية أن 60% من الأولاد ، و40% من البنات يصابون بنوبات الغضب عندما تبلغ أعمارهم واحداً وعشرين شهراً . كما أوضحت تلك الدراسات أيضاً أن 14% من الأطفال يصابون بنوبات غضب كثيرة عندما يبلغون من العمر سنة واحدة ، فى حين أن 50% منهم يصابون بنوبة كبيرة كل أسبوعين على الأقل .

التغلب على نوبات الغضب

أن الطفل الذى يصاب بنوبات غضب يفقد الصلة بينه وبين عالم الوعي . لذلك فأن محاولة زجره وأمره بالكف عما يفعل ، لا تسمع ولن يستجاب لها . والطفل الذى يصاب بنوبة الغضب يعتريه الفزع ، ولكنه يتعلم على مر السنين أن لا خطر عليه من نوبة الغضب التى تعتريه . وواجب الأم أن تتأكد من أن الطفل لن يؤذي نفسه بسبب نوبة الغضب التى يتعرض لها .


ويجب أن لا يترك للطفل المجال لكى يؤذي نفسه أو غيره ، أو أن يحطم شيئا ... لأنه أن فعل واكتشف ذلك فيما بعد ، سيشعر بأنه فقد السيطرة على نفسه ، وأنت أيضا كذلك . وإذا كان الطفل صغيراً فبإمكان أمه أن تستخدم قوتها لإمساكه ومنعه من الحركة فى أثناء هياجه . وسرعان ما تنتهي نوبة الغضب . ويتحول الصراخ إلى نشيج ، ثم يشعر الطفل أنه قريب من أمه لصيق بها فيشعر بالراحة بعد أن يكتشف أن ثورته لم تبدل شيئاً .

وإذا كان الطفل كبيراً ، ولا يسمح وزنه لأمه بالإمساك به ، فلتحاول بشتى الوسائل منعه من إلحاق الأذى بنفسه ، أو بغيره .

وعلى الأم أن تحاول عدم مقابلة الغضب بالغضب . وهذه مسألة صعبة يسهل الكلام عنها أكثر من تطبيقها ، لأن الشعور بالغضب شديد العدوى . إذ أن الكثيرين من الأمهات والأباء يفقدون أعصابهم ويصيحون فى وجه الأبناء فى أثناء نوبات الغضب . فقد أعترف عدد كبير من الأمهات أنهن عاملن الغضب عند أولادهن بالمثل ، وعاقبن الأطفال بشدة بسبب نوبات الغضب التى أصابتهم. لذلك يجب على الأم عدم معاقبة طفلها فى أثناء فترة الغضب ، لأنه لن يكون لمثل ذلك العقاب أى أثر . أنه فقط سيزيد من شعور الطفل بأن العالم مكان غاضب ، وخطير ، وأنه هو أحد أكثر سكان العالم غضباً وخطورة .

والحقيقة الهامة أن العقاب البدنى كثيرا ما يؤدى إلى نتائج عكسية بل إن أى محاولة لإسكات الطفل أو حرمانه التعبير أثناء النوبة لا يفيد بل قد يضر على المدى البعيد وقد يطيل مدى النوبة ، ذلك أن الطفل أثناء النوبة لا يكون مستعدا للاقتناع ولا للاستماع ... وأن الصراخ فى وجه الطفل أو ضربه بغرض إسكاته إنما يعطيه نموذجا يحتذى به فى المواقف العصبية أو مواقف الإحباط وهو استخدام النموذج العدوانى .

وإذا شعرت الأم بأنها ستفقد أعصابها أمام نوبة غضب طفلها ، فلتنسحب ريثما تنتهى نوبة الغضب ... إن احتمال إيذاء الطفل لنفسه ربما يكون أقل من إيذاء الأم له إذا ما فقدت أعصابها تماما .

ولا يجب بحال من الأحوال أن تسمح الأم لنوبات غضب الطفل أن تؤثر على سلوكها نحوه . ولا يجب أن يشعر الطفل بأنه استطاع أن يستغل نوبة غضبه لتحقيق أغراضه .

وأخيرا إليك بعض النصائح الهامة للتغلب على نوبات الغضب فى الطفولة: 

1- كن هادئا .. و لا تغضب .. وإذا كنت في مكان عام لا تخجل ..وتذكر أن كل الناس عندهم أطفال و قد تحدث لهم مثل هذه الأمور. 

2- ركز على الرسالة التى تحاول أن توصلها إلى طفلك . وهى أن صراخه لا يثير أي اهتمام أو غضب بالنسبة لك، وانه لن يحصل على طلبه بهذا الصراخ .
3- تذكر .. لا تغضب و لا تدخل في حوار مع طفلك حول موضوع صراخه.

4- تجاهل الصراخ بصورة تامة .. و حاول أن تريه انك متشاغل في شئ آخر، وانك لا تسمعه... لأنك لو قمت بالصراخ في وجهه فأنت بذلك تكون قد أعطيته اهتمام لتصرفه ذلك ، ولو أعطيته ما يريد فانك بذلك تكون قد علمته أن كل ما عليه فعله هو إعادة التصرف السابق عندما يرغب فى أى شئ ممنوع .
5- إذا توقف الطفل عن الصراخ وهدأ.. اغتنم الفرصة وأعطه اهتمامك واظهر له انك سعيد جدا لأنه لا يصرخ.. واشرح له كيف يجب أن يتصرف ليحصل على ما يريد ...مثلا أن يأكل غذاءه أولا ثم الحلوى أو أن السبب الذي منعك من عدم تحقيق طلبه هو أن ما يطلبه خطير لا يصح للأطفال .
6- إذا كنت ضعيفا أمام نوبة الغضب أمام الناس فتجنب اصطحابه إلى السوبر ماركت أو السوق أو المطعم حتى تنتهي فترة التدريب ويصبح اكثر هدوء .

7- ومن المفيد عندما تشعر أن الطفل سيصاب بنوبة الغضب قبل أن يدخل في البكاء حاول لفت انتباه على شيء مثير في الطريق ...مثل إشارة مرور حمراء .. صورة مضحكة .. أو لعبة مفضلة .

 

المصدر : www.elazayem.com

إقرأ 8620 مرات آخر تعديل على السبت, 13 تشرين1/أكتوير 2012 08:51

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)