البوابة

طباعة

إكتئاب ما بعد الولادة

Posted in في أنفسكم

baby-bيُمكن أن تشعر الأمّهات الجدد بالسّعادة للحظةٍ ثم بالحزن في اللّحظة التالية وهكذا. لكن، إذا شعرت أن هذا الوضع قد تراجع بعد أسبوعٍ أو نحوه، فإنّ حالتك لا تعدو كونها ما يسمّى "الكآبة النّفاسيّة". أمّا إذا استمرّت هذه الحالة طويلاً، فقد يكون لديك اكتئاب ما بعد الولادة.




قد يجعل اكتئاب ما بعد الولادة أن الأم تشعر بالضّجر والقلق والإرهاق، والإحساس بلا قيمة أو أنها لسيتِ أمّاً جيدة. و قد تشعر بعض الأمهات بالقلق من أنّهنّ قد يؤذينّ أطفالهنّ أو أنفسهنّ. لا يزول اكتئاب ما بعد الولادة سريعاً، بعكس الكآبة النّفاسيّة. قد تعاني بعض الأمّهات الجدد من حالةٍ أكثر خطورةٍ إذ قد تمتنعن عن الطعام وتعانين من اضطراباتٍ في النّوم، وتصبحن شديدات الاهتياج مع مبالغة في الشك. هذه الحالة نادرةٌ جدّاً ولكنّها خطيرة وتحتاج إلى العناية في المستشفى عادةً.

يعتقد الباحثون أنّ التّغيّرات في مستوى الهرمونات أثناء الحمل وبعده قد تكون هي السّبب وراء اكتئاب ما بعد الولادةِ. إذا كانت المرأة تعتقد أنّها تعاني من هذه الحالة فعليها إخبار طبيبها بذلك. إنّ الأدوية والمعالجات الحديثة قادرة على مساعدة الأم على الشفاء من هذه الأعراض.

المقدمة

إن ولادة طفل جديد قد يكون وقتاً حافلاً بالإثارة وبالتوتر النفسي في نفس الوقت لدى الأمهات. فبعد الولادة، تشعر الأم بمشاعر مختلفة، مثل السعادة والخوف والإثارة والقلق، وحتى الاكتئاب.

يعاني أكثر من خمسين بالمئة من الأمهات الجدد من الاكتئاب الخفيف بعد ولادة أطفالهن. تسمى هذه الحالة "أحزان الولادة" وتدوم بضعة أسابيع فقط. يتطور هذا الاكتئاب إلى نوعٍ حادٍ يدوم مدة أطول لدى عشرة بالمئة من الأمهات الجدد ويسمى في تلك الحالة "الاكتئاب بعد الولادة".

يجمع الاكتئاب بعد الولادة بين التغيُّرات الجسدية والعاطفية التي تحدث للأم بعد الولادة. يمكن للاكتئاب بعد الولادة أن يكون غامراً، ولكن يمكن معالجته.

سوف يعرض هذا البرنامج التعليمي الاكتئاب بعد الولادة من حيث الأعراض والأسباب وطرق المعالجة. كما سيقدم للسيدات بعض النصائح عن كيفية التأقلم مع الاكتئاب بعد الولادة.



الأعراض والأسباب

من الشائع أن تشعر الأمهات الجدد بمشاعر الحزن وتقلبات المزاج والانفعالية. وعندما لا تدوم هذه المشاعر سوى أيامٍ إلى بضعة أسابيع قليلة، فإنها تسمى "أحزان الولادة".

تشبه أعراض الاكتئاب بعد الولادة أعراض أحزان الولادة في البداية. ولكن حينما لا تزول الأعراض أو تزداد من حيث العدد ومن حيث الشدّةً، فانها تصبح أعراضاً للاكتئاب بعد الولادة.

ليس هناك أسبابٌ واضحة للاكتئاب بعد الولادة. فبعد الولادة قد تتغير مستويات بعض المواد الكيميائية التي تدعى هرمونات الاستروجين والبروجستيرون في جسم الأم الجديدة وتتبدَّل تبدلاً سريعاً. وقد تؤدي هذه التغيُّرات السريعة إلى الشعور بالحزن وتسبب التقلبات بالمزاج واضطرابات النوم وأعراضاً كثيرة أخرى.

وتزداد شدة الأعراض بسبب الضغوط الإضافية التي تتعرض لها الأم عند الاهتمام بالطفل والحرمان من النوم.

وهناك بعض العوامل الأخرى التي قد تمر بها المرأة في حياتها فتسبب لها ظهور أعراض الاكتئاب بعد الولادة، مثل المشاكل الزوجية والمشاكل العائلية وغيرها من مسبِّبات التوتر النفسي الأخرى.

ومن أعراض الاكتئاب بعد الولادة:
  • شعور الأم بالحزن
  • شعور الأم بالأسف على نفسها أو الشعور بأنها ليست أماً صالحة.
  • شعور الأم بالذنب
  • عدم إحساس الألم بالجوع


ومن الأعراض الأخرى للاكتئاب بعد الولادة أيضاً:
  • التقلبات الحادة في مزاج الأم. فقد تشعر الأم بسعادة غامرة في لحظة ما، ثم بحزنٍ شديدٍ في اللحظة التي تليها.
  • صعوبة الضحك لدى الأم
  • البكاء الشديد لدى الأم
  • صعوبة لدى الأم في خلق ارتباطٍ قوي مع طفلها


من العلامات الأخرى للاكتئاب بعد الولادة:
  • تفكير الأم بإيذاء نفسها أو بإيذاء طفلها
  • معاناة الأم من اضطرابات في النوم
  • شعور الأم بالعصبية
  • شعور الأم بالتعب المستمر
  • شعور الأم بالوحدة
يزيد الاكتئاب بعد الولادة من صعوبة اهتمام الأم بطفلها والقيام بأعمالها اليومية.

في بعض الحالات النادرة قد تزيد شدة أعراض الاكتئاب لدى الأم، فتشمل ظهور الهَلْوَسَة لديها، وصعوبة فهمها لما يجري حولها، ومحاولة إيذاء نفسها أو إيذاء طفلها. إن هذه الحالة نادرة وتسمى الذُُّهَان بعد الولادة. تظهر أعراض الذُهان بعد الولادة عادةً خلال الأسبوعين الأولين التاليين للولادة، وتعتبر من الحالات التي تستدعي طلب المساعدة الطبية العاجلة أو مراجعة قسم الطوارئ .

عوامل الخطر وتشخيص الإصابة

قد يحدث الاكتئاب بعد الولادة بعد أي ولادة حديثة العهد. حتى لدى النساء اللاتي سبق لهن أن ولدن قبل ذلك، ولم تظهر عليهن أعراض الاكتئاب، فجميع النساء معرَّضات للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة.

هناك بعض العوامل التي تعرِّض الأم للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة أكثر من غيرها من الأمهات.

إن الأم أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة إذا:
  • سبق لها الإصابة بالاكتئاب حتى ولو كان ذلك خلال فترة حملِها
  • سبق لها أن أُصيبتِ بالاكتئاب بعد الولادة في إحدى ولاداتها السابقة.
  • كان لديها هي أو لدى بعض النساء في عائلتها سوابق الإصابة باضطراب الانزعاج السابق للدورة الشهرية



وتكون الأم أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة إذا:
  • كانت الأم تعاني من بعض المشاكل مع زوجها.
  • كانت الولادة قد حدثت رغم عدم التخطيط للحمل.
  • لا تحظى الأم بدعم عدد كبير من أفراد العائلة و الأصدقاء.
  • كانت الأم قد تعرضتِ لبعض الأحداث التي سببت لها التوتر النفسي، أو سببت لها تغُّيرات كبيرة في حياتها خلال العام الماضي.

وينبغي على الأم إذا ساورها القلق من الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة أو ساورتها الشكوك بأنها قد أصيبتِ به بالفعل أن تتحدث مع طبيبها حول ذلك. فهناك بعض الاختبارات البسيطة التي تساعد الطبيبَِ على تشخيص إصابة الأمِ بالاكتئاب بعد الولادة.

إن مقياس إدنبرة للاكتئاب بعد الولادة هو أداة تشخيصيٌة بسيطة يتألف من عشرة أسئلة يطرحها الطبيب على الأم ليعرف في ما إذا كانت مصابة بالاكتئاب بعد الولادة أو أن هناك احتمال لإصابتها به.

هناك الكثير من عوامل الخطر التي تزيد من احتمال إصابة الأم بالاكتئاب بعد الولادة. وعلى الأمهات أن يحرصن على التحدث مع الطبيب حول مخاطر إصابتهن بالاكتئاب بعد الولادة.


التشخيص

ينبغي على السيدات اللواتي يعانين من أعراضٍ القلق، والاكتئاب (الكآبة)، والهلع، والأرق لمدة تزيد عن أسبوعين، أن يضعن في حسبانهن أنهن قد يَكُنَّ مصابات بالاكتئاب بعد الولادة. إذ أن إصابتهن بالاكتئاب بعد الولادة لايعني أنهن أمهات غير صالحات، فالاكتئاب بعد الولادة حالةٌ طبية يجب عدم تجاهلها لإنه يمكن معالجتها. وينبغي على الأم التي تظن أنهاِ مصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تتحدث إلى الطبيب على الفور.

وستجد الأم أن ِ الطبيب مهتم بالحديث معها بهذا الخصوص، وأنه سيطلب منها أن تستكمل الإجابة على الاستبيان الخاص بمقياس إدنبرة للاكتئاب بعد الولادة أو غيره من المقاييس. يتضمن الاستبيان أسئلة حول مشاعر الأم ونمطَ نومهِا وأفكارهاِ.

وهناك بعض المشاكل الصحية الأخرى التي قد تسبِّب شكلاً من أشكال الاكتئاب مشابهاً للاكتئاب بعد الولادة. لذا فقد يطلب الطبيب من الأم إجراء فحص لعينات من الدم للتأكد من أن عدم وجود اضطرابات أخرى محتملة مثل اضطرابات الغدة الدرقية .



لمَ عليكِ طلبُ المساعدة؟

تشعر بعض الأمهات بالحرج من الأعراض التي تمر بها. إن الاكتئاب بعد الولادة ليس دليلاً على ضعف الأم أو وجود خلل في شخصيتها. إذ يشيع هذا الاكتئاب لدى بعض الأمهات.

وحتى حين تشعر الأم بالحرج أو العصبية من التحدث إلى الطبيب، فإن من الضروري جداً أن تسعي لعلاج حالتها،ِ إذا كانت تعاني من أعراض الاكتئاب بعد الولادة. وتبقى المعلومات التي تخبر بها الأم الطبيب سريَّة، وعلى الأم أن تتذكر أن الواجب الرئيسي للطبيب هو أن يهتم بمساعدتها.

إذا لم يُعالج الاكتئاب بعد الولادة فقد يزداد سوءاً ويدوم فترةً أطول. فقد يدوم الاكتئاب عاماً كاملاً في بعض الحالات إذا لم يُعالج.

وقد يصبح الاكتئاب بعد الولادة مشكلةً مزمنة إذا لم يعالَج.

إن عدم معالجة الاكتئاب بعد الولادة يؤثر بشكل سلبي على الأم وعلى عائلتهاِ. وقد يعيقُ الاكتئاب بعد الولادة عملية الارتباط الطبيعية بين الأم والطفل.

إن عدم معالجة الاكتئاب بعد الولادة قد يسبب توتراً في علاقات الأم الشخصية، بما فيها المشاكل الزوجية التي قد تزيدُ الأعراض سوءًا.

فالأطفال الذين عانوا من مشاكل في ارتباطهم بأمهاتهم في فترة الرضاعة قد يتعرضون للمشاكل عندما يكبرون. فقد يصابون بمشاكل سلوكية وبالبطء في اكتساب المهارات اللغوية.

العلاج والتأقلم

وهناك معالجات مفيدة للأمهات اللاتي يعانين من الاكتئاب بعد الولادة.

يعتمد العلاج المناسب لحالة الأم المصابة بالاكتئاب (الكآبة) بعد الولادة على الأعراض التي تعاني منها ومدى شدَّتها.

قد يصف الطبيب للأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة الأدوية المضادة للاكتئاب، أو علاجاً هرمونياً لتنظيم مستويات الهورمونات لديهاِ.

وقد تستفيد الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة من التحدث عن مشاعرها إلى الطبيب النفسي أيضاً. فقد تساعدها الاستشارة النفسية على إيجاد أساليب لتأقلمها مع الأعراض، وحل مشاكلها، وحفظ صحتها، والتخطيط بواقعية.


كما قد تستفيد الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة من الاستشارات في مجموعةً. إذ يستفيد الكثير من الأمهات اللواتي يعانين من الاكتئاب بعد الولادة من التحدث عن تجاربِهن الشخصية مع أمهات أخريات يعانين من الاكتئاب أيضاً. إن حصول الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة على الدعم من أشخاصٍ آخرين يتفهمون ما تشعر به مفيدٌ جداً لها.

ويمكن للأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة القيام ببعض الأمور في المنزل للتأقلم مع الاكتئاب والتخفيف من شدة بعض أعراض الاكتئاب بعد الولادة. ومن النصائح المفيدة في ذلك:
  • على الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تتناول الأكل الصحي، وأن تتناول الكثير من الخضار والفاكهة.
  • على الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم، وأن تحاول أن تنام عندما ينام طفلها، فإذا لم تستطع النوم فعليها أن تستلقي وأن ترتاح.
  • على الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تحافظ على نشاطهاِ وأن تواصل حركتهاِ. إذ تساعدها ممارسة التمارين الخفيفة على الحد من التقلبات المزاجية لديها. و على الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تتحدث مع الطبيب قبل البدء بالتمارين.
  • على الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تحافظ على تواصلها مع الناس. فعليها أن تتحدث مع عائلتها وأصدقائها، وأن تتجنب العُزلة، وأن لا تتردد في الانتساب إلى مجموعة من مجموعات الدعم الاجتماعي.


وقد تستفيد الأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة من بعض أنواع العلاج الأخرى مثل الوخز بالإبر والتدليك والمعالجة بممارسة الفنون.


الخلاصة

يجمع الاكتئاب بعد الولادة ما بين التغيُّرات الجسدية والانفعالية أو العاطفية التي تحدث للأمهات بعد الولادة. وينبغي التفكير بإصابة الأم بالاكتئاب بعد الولادة إذا كانت تعاني من بعض الأعراض مثل القلق والاكتئاب والهلع و الأرق لمدة تزيد عن أسبوعين.

لا تعني الإصابةُ بالاكتئاب بعد الولادة ان الأم غير صالحة. فالاكتئاب حالة طبية جدية، إنما يمكن معالجتُها. فإذا كانت الأم تشك بإصابتها بالاكتئاب بعد الولادة فينبغي أن تتحدث إلى الطبيب فوراً.

وقد يطلب الطبيب من الأم استكمال استبيان يسمى مقياس إدنبرة للاكتئاب بعد الولادة وهو استبيان قصير وبسيط، ويساعد الطبيب على تشخيص إصابة الأم بالاكتئاب بعد الولادة. كما قد يطلب الطبيب من الأم إجراء فحوصات للدم، ويجري لها فحصاً جسدياً عاماً.


إن الاكتئاب بعد الولادة حالةٌ طبيةٌ جدية. لأنها إذا لم تُعالج قد تؤدي إلى اكتئاب مزمن، أو صعوبة في الارتباط بين الأم والمولود، وقد تتطور إلى بعض المشاكل العائلية. لحسن الحظ، يمكن معالجة الاكتئاب بعد الولادة وهناك عدة أساليب للتأقلم مع أعراضه.

تشمل طرق العلاج الأدوية والإستشارات النفسية. كما أن هناك بعض الأمور البسيطة التي يمكن للأم المصابة بالاكتئاب بعد الولادة أن تقوم بها في المنزل للتأقلم مع الأعراض، ومنها الأكل الصحي، والنوم الكافي، كلما سنحت الفرصة، وممارسة التمارين الرياضية، والبقاء على تواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء.

وينبغي على الأم التي تعاني من أعرض الاكتئاب بعد الولادة أن لا تتردد بالاتصال بالطبيب. فمعالجة الاكتئاب سيؤدي إلى أن تنعم الأم بوقتٍ ممتع أكثر مع طفلها.

 

المصدر : www.kaahe.org