طباعة

صنمية الصورة في الفضائيات العربية

Posted in الثقافة


ما يلفت النظر أن مجتمعنا المعاصر ليس مجتمع المشهد والاستعراض والاستهلاك بل مجتمع المراقبة والضبط والتوجيه ،فلقد حولت فكرة العين المطلقة والنظرة المحدقة الحياة إلى جحيم والجسد إلى جثة وأدخلت الأرواح في توابيت معدة للدفن. لقد برزت الرؤية اليوم محاطة بنزعات ضارة ومؤذية وتسلطية وان أكبر فاشية تمارس على الذات هي فاشية نظرة العين التي تنزل بها كل أنواع العقاب وتحطها إلى مرتبة الموضوع وان الصورة المعروضة للعموم من حيث قابليتها للمشاهدة من الجميع هي التي تتحمل مسؤولية ذلك. إن الناس ليسوا متساوين إلا في تفرجهم على أنفسهم في نفس البرامج ونفس صور الموت والبؤس والخراب التي ترسلها الفضائيات وإنهم قد يجدون في هذه المساواة الفارغة فرصة للعزاء والتعويض يبررون بها تفريطهم في المساواة الحقيقية. علاوة على أن الصورة تغذي لدى الإنسان مشاعر عدوانية وتثير فيه انفعالات نرجسية تقوده إلى الانتفاخ الذاتي والإصابة بمرض جنون العظمة خاصة حينما يتباعد المرء عن صورته الحقيقية ويحيل ذاته إلى أنا متخيل متوهم ينتقيه  من صور النجوم والأبطال المعروضة في المرئيات، بحيث تجعله الصورة يتوقف عن الاعتقاد في هذا العالم بل ويعتبر الأحداث التي تقع له مثل الحب والموت وكأنها أشياء لا تعنيه. لكن عندما تجسد الصورة استعراضا بالغا للقوة ومشهدا مثيرا من العري والرعب فإن الذي يحدث داخل العالم هو فقدان الأشياء شيئيتها والذوات هويتها و تصل سيطرة الرموز على الأضواء إلى حد التلاعب بقيم الحياة والموت وان الوجود الإنساني هو وحده الذي يضيع،فكيف نعيد للصورة قدرتها على الكشف والتوضيح؟ كيف نعطيها تلك القوة على وضع الحقيقة في دائرة الضوء لتجعل المشاهد يرى المطلق  مجسما في المرئي نفسه؟نا متخيل متوهمأنا متخيل مث
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed