طباعة

حقوق غير المسلمين في المجتمع

Posted in الثقافة

حق التدين

ومن تلك الحقوق أن الإسلام لم يكره أهل الذمة على اعتناق الإسلام، فلكل ذي دين دينه ومذهبه، لا يُجبر على تركه إلى غيره، ولا يُضغط عليه ليتحول منه إلى الإسلام.

وأساس هذا الحق قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}، (البقرة: 256)، وقوله سبحانه: {أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين} (يونس: 99). والتاريخ يصدق المسلمين في هذا، والغربيون يعترفون بذلك.

وقد صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم ورعى حرمة شعائرهم، وقد اشتمل عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران أن لهم جوار الله وذمة رسوله على أموالهم وملَّتهم وبِيَعهم، ونص عمر في العهدة العمرية لأهل إيلياء أن لهم حرية التدين وفي عهد خالد بن الوليد لأهل عانات كما نقل ذلك أبو يوسف في كتابه "الخراج".

ومن حرية التدين ما قال به بعض فقهاء المسلمين من السماح لأهل الكتاب ببناء الكنائس في القرى التي يكون غالبها مسلمين. وقد جرى العمل على هذا في تاريخ المسلمين منذ عهد مبكر " فقد بُنِيت في مصر عدة كنائس في القرن الأول الهجري، مثل كنيسة مار مرقص بالإسكندرية (ما بين 39 - 56 هـ)، كما بُنِيت أول كنيسة بالفسطاط في حارة الروم في ولاية مسلمة بن مخلد على مصر بين (عامي 47 - 68 هـ)، كما سمح عبد العزيز بن مروان حين أنشأ مدينة حلوان ببناء كنيسة فيها، وسمح كذلك لبعض الأساقفة ببناء ديرين".

بل صرح المؤرخ المقريزي بقوله: "وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدَثة في الإسلام بلا خلاف".

أما في القرى والمواضع التي ليست من أمصار المسلمين فلا يُمنعون من إظهار شعائرهم الدينية، وتجديد كنائسهم القديمة، وبناء ما تدعو حاجتهم إلى بنائه؛ نظرًا لتكاثر عددهم.

بل هذا التسامح لم يظهر إلا في الإسلام، حتى قال العلامة الفرنسي جوستاف لوبون: "رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته"، كما نقل هذا عن ألسنة أوربيين، أمثال روبرتسن في كتابه "تاريخ شارلكن" وغيره.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed