الخميس, 26 تموز/يوليو 2012 08:14

إن كيدكن "بينكن" عظيم!

كتبه  مرام عبدالرحمن مكاوي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)
woman-groupsلسنوات طويلة ظللنا نعتقد بأن مشكلتنا كنساء عربيات أوسعوديات تنحصر في وقوف الرجال ضد طموحاتنا وإنجازاتنا، وضد أن نجد مكاناً يليق بنا تحت الشمس. وظهرت كتابات وروايات وقصص وأفلام تحت عناوين مثل: "العذاب رجل"، ولم يكن هذا في الواقع أمراً بعيداً عن الحقيقة، لأن الرجل بالفعل كثيراً ما يتسلى بتنغيص حياتنا، لكن الواقع يقول أيضاً إن تلك لم تكن الحقيقة الكاملة.
اليوم سنرسل آدم في مهمة ما، مثلاً: شراء المقاضي، إحضار الأولاد من المدرسة، دفع الفواتير، استخراج هاتف جوال لحواء، ملاحقة معاملة حكومية لها، إلى آخر مهامه الكثيرة (نريد أن نساعدك والله يا آدم لكنك تمنعنا..استمتع بيومك إذن)، وسنضع حواء في مواجهة نفسها، ونسلط الضوء على علاقة حواء بحواء في مجتمعنا..كيف هي؟
ابتداء أنا أنفي صفة التعميم عن مقالي، ولكنني سأختار شرائح موجودة في مجتمعنا، بغض النظر عن نسبتها. فلو بدأنا من النطاق الأسري، سنجد أن الفتاة أحيانا تشتكي من أمها التي ترسخ فوقية وأفضلية الذكر على الأنثى، رغم أنها هي نفسها عانت يوماً من هذا الوضع الأعوج، وتمنت لو أنها كانت ذكراً لتحظى بحب أهلها.
وفي مرحلة الخطبة ستشتكي العروس من اشتراطات أم العريس، وتعاملها مع "بنات الناس" وكأنهن بضاعة تقلبها كيف تشاء، قبل أن تتركها لأنها لم ترق إلى مستوى ابنها، وهو بالمناسبة أجمل من وضعته الأرحام، ويا ليتها تفعل ذلك بأدب، ولكنها تترك وراءها شابة محطمة. تحدثني صديقة عزيزة كيف امتلأت عيناها بالدموع بعد أن غادر العريس وأهله منزلهم، لأنه قيل لها بأنها أقل جمالاً من ابنهم! والمرأة هي من ترسخ الاعتقادات البالية عن سن العنوسة، وهي من تسمم في أحيان كثيرة دماغ الرجل حول عدم مناسبة امرأة ما له، لأسباب في مصلحتها هي شخصياً لا هو.
أما بعد الزواج فسنجد أن الكثير من الزوجات لا يشتكين من شيء مثل شكواهن من أم الزوج أو أخواته وما يدخل في حكمهن من "نساء" الأسرة. فهناك من تظن أنها أعطت ابنها للزوجة على طريقة نظام الإعارة، وأنه يحق لها استرداده في أي وقت. أو في أحسن الحالات فإنه يحق لها أن تتدخل في أخص خصوصيات الرجل وزوجته وأسرتهما وبيتهما، ومن يسمع قصص الطلاق، سيجد أن السبب أحياناً هو تدخلات الأهل.


وإذا غادرنا قليلاً بيئة الأسرة وخرجنا للعالم الأرحب، فسنجد أن المرأة قد تتحول إلى كابوس حقيقي حين تكون مسؤولة أو رئيسة امرأة أخرى في العمل، وكل امرأة جربت العمل في مكان نسائي ثم في مكان مختلط تعرف الفرق. فبدلاً أن تراعي زميلتها وتقدر ظروفها وضغوطاتها العائلية، نجدها تتفنن في الضغط عليها، ربما لتنفس عن إحباطاتها الشخصية. وينطبق الأمر نفسه على المعلمة وطالباتها أحياناً، فهي لا تراعي مثلاً قضية صعوبة المواصلات، أو ضعف موقف الفتاة في العائلة، فتعاقبها لأنها لم تحضر كراسة جديدة، أو لأنها تأخرت عن طابور الصباح، والطفلة تبكي خوفاً وغبناً، لأنه في أحيان كثيرة، حتى عندما تصل الفتاة إلى الجامعة، فإنها لا تملك من الأمر شيئاً. فحين تصر الدكتورة على البحث عن معلومات معينة في الإنترنت، وتأتيها طالبة خجلة لأن أهلها لا يسمحون لها باستخدام الإنترنت، والجامعة لا توفر غالباً معامل للاستخدام العام، فإن الأخيرة تعطيها نظرة كفيلة بأن يشيب لها الولدان، وتهز كتفها قائلة:"مو شغلي!".
وهناك ميل عجيب لدى بعض النساء لتعقيد المعاملات دون سبب وجيه، خذوا مثلاً في الجامعة، حين كنت أدرس هناك وأريد أن أحذف أو أضيف مادة، فإن إجراء ذلك من قسم الطالبات كان يعني معاناة وعذاباً وذلاً، وفي النهاية لا تنجز المهمة. في حين أننا حين كنا نحاول عمل الشيء ذاته عن طريق قسم البنين، كانت الأمور تنجز على ما يرام. والأمر ذاته يتكرر في البنوك النسائية وغيرها من الأماكن، ولذلك ليس غريباً أن يجد موظفو البنك في الفرع الرجالي امرأة تقتحم عليهم المكان لتحلف بالله أيماناً بأنها لن تتعامل مع الأقسام النسائية، شاء من شاء وأبى من أبى!
وعلى صعيد العمل التطوعي، والنشاطات الثقافية، بل وحتى الدينية، تبرز هذه المنافسة غير الشريفة بشكل يفقأ العين. وقد علمتني تجربتي الشخصية في بريطانيا، أنه كان عليَّ أن أحذر النساء ألف مرة قبل أن أحذر من الرجال.
وحين يعمل الرجال والنساء في بيئة واحدة، فإن المرأة تسعى على ما يبدو إلى تملق الرجل بالتآمر ضد زميلاتها، ولا نراها حريصة كرئيسة على تطور العاملات لديها، بل بالعكس كما يقول لي أحد الزملاء الذي يرأس أحد الأقسام في مؤسسة إعلامية، وقد أخذ يسألني عن السبب: لماذا تحارب المرأة المرأة؟
ولأجيب على هذا السؤال، سأستدعي آدم العائد من سباق المسافات الطويلة اليومي، ولأقول له أنت مسؤول يا سيد، ولكن هذا ليس مبرراً لكِ يا سيدة. أنت مسؤول لأنك جعلت المرأة دائماً في المقعد الخلفي، ودائماً في الصف الثاني، وجعلتها تعيش تافهة ومقموعة ومهمشة، وبالتالي فإنه مع أول فرصة تعطى لها لتكون هي في مركز القوة، فإنها ستسعى لأن تمارس العقد التي مورست عليها، ولديها أبداً إحساسٌ بالخوف وعدم الأمان النفسي، فهي ترى في كل امرأة منافسة لها في الوصول إلى هذه المكانة، التي ما وصلتها غالباً إلا بشق الأنفس، سواء على الصعيد العائلي أو المهني. وهكذا تكرر الدورة نفسها جيلاً وراء جيلاً بانتظام مدهش يذكرني بدورة الماء في الطبيعة.


طبعاً ما يقوم به آدم ليس عذراً لحواء، فالله أعطى لكل واحدة عقلاً وقلباً، وممارسة الظلم والإساءة للناس بدون وجه حق أو بخسهم حقوقهم وتعطيل أعمالهم وتخريب بيوتهم، ليست قطعاً من الأعمال التي تصنف تحت أعمال الخير. فبدلاً من أن تشغل المرأة نفسها بهذه المعارك الجانبية مع أختها، وتسمح للمشاعر السلبية من الحقد والغيرة والحسد بأن تسيطر عليها، كان من الأجدى بأن تحاول أن تتكاتف مع زميلاتها، بحيث تكمل جهود بعضهن، فيثبتن جدارتهن في تحمل المسؤوليات، ويصبحن قوة تستطيع أن تنتزع الحقوق من أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن الله قد خلق المرأة فقط لمتعتهم وخدمتهم والمحافظة على نسلهم!
للأسف حالياً لا تكتفي المرأة بعدم مؤازرة أختها، بل نجد أن الكثير من النساء، خاصة أولئك اللاتي يعانين من متلازمة "احتقار الذات" بوعي أو من دون وعي، يقفن ضد محاولة المرأة للمطالبة بحقوقها المشروعة. فتعارض إحداهن كل مشروع أو نظام يهدف إلى التقليل من الفجوة بين الجنسين، تحت ذرائع العادات والتقاليد التي تحضر حفلة تنكرية وهي ترتدي شعاراً إسلامياً يخفي أصلها الجاهلي.
هل قسوت على النساء في مقالي؟ ربما، وهل هذا الكلام ينطبق على كل النساء؟ بالطبع لا، إذن ما الهدف؟ الهدف هو تنبيه للغافلات عن طريق العلاج بالصدمة، لأنه حتى لو كنت أتحدث عن شريحة صغيرة من النساء، فهذه مشكلة يجب أن تعالج، لأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس كما يقول الشاعر، ولأننا في مرحلة التغيير وهذه الفئة من المخلوقات تعطل مسيرتنا..التي لا تحتمل عرقلة أكثر.
المصدر : www.marammeccawy.maktoobblog.com
إقرأ 8037 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed